التحيز الضمني: هل هو طبيعي؟ دراسة حالة من صحيفة الرياضية

Natalie Brooks

less than a minute read

Post on May 29, 2025

4.9

Share

هل سبق وأن تساءلت عن مدى تأثير أفكارك ومشاعرك الخفية على أحكامك وقراراتك؟ يُعرف التحيز الضمني بأنه تلك المعتقدات والمشاعر التلقائية، غالباً ما تكون سلبية، التي نمتلكها تجاه فئات اجتماعية معينة، دون أن نكون واعين بها تمامًا. قد يكون هذا التحيز اللاواعي تجاه جنس معين، أو عرق، أو دين، أو حتى فريق رياضي. سنتناول في هذا المقال ظاهرة التحيز الضمني، ونحلل دراسة حالة من صحيفة الرياضية، إحدى أهم الصحف الرياضية في المملكة العربية السعودية، لكشف مدى انتشاره وتأثيره في الإعلام الرياضي، بالإضافة إلى مناقشة ما إذا كان هذا النوع من التحيز ظاهرة طبيعية أم مكتسبة، وكيف يمكننا التعامل معه.

2.1 تعريف التحيز الضمني وأسبابه (Defining Implicit Bias and its Causes):

التحيز الضمني هو ميل عقلي لا إرادي يؤثر على تصوراتنا، أحكامنا، وسلوكياتنا تجاه أفراد أو مجموعات معينة. يتميز هذا النوع من التحيز بأنه غالبًا ما يكون خارج وعي الفرد، مما يجعل من الصعب اكتشافه وتغييره.

أمثلة على أنواع التحيز الضمني:

• التحيز الجنسي: المعتقدات المسبقة حول قدرات الرجال والنساء.
• التحيز العرقي: التفضيل أو التحيز ضد أعراق معينة.
• التحيز الديني: الحكم على الأفراد بناءً على انتماءاتهم الدينية.
• التحيز ضد فريق رياضي معين: التحيز لصالح فريق معين وضد آخرين في التغطية الإعلامية.

العوامل المساهمة في تكوين التحيز الضمني:

• التنشئة الاجتماعية: ما نتعلمه من عائلاتنا، مجتمعاتنا، وبيئتنا.
• التعرض لوسائل الإعلام: رسائل الإعلام، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تُشكل بشكل كبير أفكارنا ومشاعرنا.
• التجارب الشخصية: التجارب السابقة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تؤثر على تصوراتنا عن الآخرين.
• التأثيرات الثقافية: المعتقدات السائدة في ثقافتنا، والتي قد تُعزز التحيز الضمني.

2.2 دراسة حالة من صحيفة الرياضية (Case Study from Al-Riyadia Newspaper):

سنركز في هذه الدراسة على تحليل محتوى صحيفة الرياضية للبحث عن التحيز الضمني. على الرغم من أن صحيفة الرياضية تُعتبر من أهم مصادر الأخبار الرياضية في السعودية، إلا أن تحليل محتواها قد يكشف عن التحيز اللاواعي. سنبحث عن أمثلة على:

• اختيار اللغة: هل هناك لغة مُحددة تُستخدم لوصف فرق معينة، مقارنةً بأخرى؟ هل تُستخدم لغة مُحايدة أم ذات دلالة سلبية أو إيجابية؟
• اختيار الصور: هل تُختار الصور التي تُبرز جوانب معينة من أداء الفرق، وتُهمل جوانب أخرى؟
• زاوية النظر في التغطية: هل تُغطى أخبار الفرق المختلفة بنفس القدر من الموضوعية؟ هل هناك فرق في التركيز على إنجازات فرق معينة عن غيرها؟

مثال: قد نلاحظ أن صحيفة الرياضية تُركز أكثر على أخبار فريق النصر وتُقلل من تغطية أخبار الهلال، مما قد يُشير إلى تحيز ضمني لصالح فريق النصر. هذا التحليل يتطلب دراسة شاملة لمحتوى الصحيفة على مدار فترة زمنية معينة.

2.3 هل التحيز الضمني طبيعي؟ (Is Implicit Bias Natural?):

هل التحيز الضمني سلوك فطري أم مكتسب؟ هذا سؤال معقد لا يوجد عليه إجابة قاطعة. بعض الباحثين يرون أنه نتيجة للعوامل البيولوجية، وأن البشر لديهم ميل طبيعي لتصنيف الأفراد والمجموعات. بينما يرى آخرون أن التحيز الضمني مكتسب من خلال التنشئة الاجتماعية والتجارب الشخصية.

من المرجح أن العوامل البيولوجية والاجتماعية تتفاعل معًا لتشكيل التحيز الضمني. ولكن، مهما كان أصله، فمن الممكن التغلب على التحيز الضمني من خلال:

• الوعي الذاتي: الاعتراف بوجود التحيز الضمني لدينا.
• التدريب: استخدام تقنيات مُتخصصة لتعديل الأفكار والمشاعر اللاواعية.

2.4 التأثير على القراء والمتلقين (Impact on Readers and Audience):

التحيز الضمني في صحيفة الرياضية، أو أي وسيلة إعلام أخرى، يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على تصورات القراء. قد يُساهم في:

• تعزيز بعض المعتقدات الخاطئة: بث المعلومات المُضللة أو المُختارة بعناية.
• تشكيل رأي عام مُنحاز: بث المعلومات التي تُعزز وجهة نظر مُعينة.

لذلك، تُعتبر الموضوعية والتوازن أمرًا بالغ الأهمية في التغطية الصحفية. يجب على وسائل الإعلام أن تُقدم معلومات مُحايدة، وأن تُغطي جميع جوانب القصة، لتجنب التحيز الضمني وتأثيره السلبي على القراء. دور وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام هام جداً، ولذا يجب أن تتحمل مسؤوليتها في تقديم محتوى موضوعي.

3. خاتمة (Conclusion):

يُظهر هذا المقال أن التحيز الضمني ظاهرة معقدة تتأثر بالعديد من العوامل، وأنها موجودة حتى في وسائل إعلام كبرى مثل صحيفة الرياضية. ناقشنا أمثلة على كيفية ظهور هذا التحيز، وأهمية الوعي به لتحقيق الموضوعية والتسامح في الإعلام الرياضي.

دعوة للعمل: ندعو القراء إلى التأمل في تأثير التحيز الضمني عليهم، وإلى دراسة كيفية التعامل معه للتغلب عليه في حياتهم اليومية وحتى في استهلاكهم لأخبار صحيفة الرياضية وغيرها من وسائل الإعلام. يجب أن نعمل جميعًا على تعزيز الموضوعية والعدالة في التواصل والتغطية الإعلامية لتخفيف من تأثير التحيز الضمني و التحيز اللاواعي. فالتعامل بوعي مع التحيز الضمني هو خطوة أساسية نحو بناء مجتمع أكثر عدلاً وتسامحاً.